آه..
منها حديقة منزله تلك .. إنها لم تكن مجرد حديقة عادية بسيطة ، بل كانت لمساحتها
الواسعة تحوي بداخلها أشجاراً عديدة، فواكه متنوعة ونخيل رائع وزهور ذات ألوان
زاهية وعصافير تغرد ذهابها وإيابها بنغم جميل آسر منذ الصباح الباكر..
إنه الصباح الذي اعتاد عليه حينما تبزغ خيوط الشمس الأولى مبشرة بيوم جميل
مشرق..
يؤدي صلاته، ثم يتخذ له
مكاناً تحت إحدى الأشجار الباسقة الطول يتناول إفطاره مما أثمرت مزرعته الكبيرة
ولكن مهلاً..!!
شيء
ما يفتقده هنا ، منذ الصباح وحين الصلاة والإفطار .. آه.. إنها زوجته .. ما الذي
أخرها عنه ..؟! لم يلحظها خلال استيقاظه لأول مرة في حياته، ولم يبد حينها للأمر
أكثر اهتماماً من ذلك بل واصل إفطاره منتظراً بعدها لكوب القهوة المعتاد من يدها..
طال
انتظاره والقهوة لم تأت بعد ، نهض من مكانه وسار عبر الممر المعبد بالرخام – ومن
حوله الأرض المكسوة بالخضرة – متجهاً نحو الصالة الكبرى في المنزل ووقف مذهولاً ..
لقد اختفى أثاثها وتغيرت ملامحها..
سار
بخطى أشد سرعة نحو غرفته المذهلة الروعة ليجدها موصدة الباب ، طرقه مراراً وحاول
فتحه بعنف ونادى على زوجته وما من مجيب!!
فما
لبث أن استرق النظر من ثقب الباب وما هي إلا هنيهة من الوقت حتى أحس بكف ثقيلة
تمسك بكتفه وصوت أقرب إلى صوت زوجته المعهود بالصراخ :"انهض .. انهض لقد
تأخرت يا رجل ..
استيقظ مذهولاً ، مرتعشاً
وحاول فتح عينيه وشيئاً فشيئاً تعرف على ملامح هذا المكان الضيق.. منزلة ، هذه
الزوجة الشرسة زوجته وتلك الحارة الشعبية البائسة حارته و .. من جديد يصدمه صوتها
بعبارات قاسية : "إلى متى ستظل على هذه الحالة .. تنام متأخراً وتذهب للعمل
متأخراً..و و .."