لعمارة الكلاسيكية
يشير مصطلح العمارة الكلاسيكية إلى طرز المباني التي طورها قدماء الإغريق والرومان. ولكن يمكن أن نُرجع جذور العمارة الكلاسيكية إلى مبانٍ ابتكرها شعبان إغريقيان هما المينويّون والمسِّينيّون. والعمارة الكلاسيكية الإغريقة بدورها لها تأثير كبير على العمارة الرومانية.
العمارة المينوية :طوّر المينويون أول حضارة أوروبية مهمة. عاش المينويون في جزيرة كريت في البحر الأبيض المتوسط. واستمر عصر العمارة المينوية من حوالي عام 2000 إلى عام 1450 ق.م.
وأهم إنجازات العمارة المينوية قصر مينوس (حوالي 1500 ق. م) في مدينة كنوسوس. ويحتوي هذا المنشأ المركب والممتد على مئات الغرف المبنية حول فناء. وتحمل أعمدته الخشبية أعتاب السقف. وقد قسم المعماريون هذه الأعتاب إلى ثلاثة قطاعات أفقية هي الحمّال في القاع والإفريز في الوسط والكورنيش في القمة. وتسمى هذه القطاعات الثلاثة مجتمعة التكنة (السطح القائم على أعمدة)، وهي جزء حيوي في العمارة الإغريقية المتأخرة.
بنى المينويون أيضًا قصورًا في مدن كاتو وزاكرو وماليا وفيستوس. وقد استُخدمت كل القصور المينوية مراكز إدارية، وتجارية بالإضافة إلى أنها كانت مساكن ملكية.
عمارة المسينيين :
عاش المسِّينيّون في مدينة مسِّيني جنوبي اليونان. وبعد عام 1600 ق.م، بدأوا يبنون مدافن من الحجر المنحوت تُشبة خلايا النحل. وأجمل مثال للمدافن التي تشبه خلايا النحل كنز أتريوس حوالي 1300-1250ق.م.
وقد شيد المسِّينيون قصورًا كالقلاع من كتل حجرية ضخمة. وكان قلب القصر صالة استقبال ملكية مستطيلة تُعرف بالميغارون. ويؤدي إلى الميغارون مدخل له سقف محمول على عمودين، وتتقدمها قاعة. ويتوسط الميغارون موقد للنار مفتوح. وتوجد له فتحة في أعلى السقف لخروج الدخان. وتحيط بالموقد أربعة أعمدة لحمل السقف.
العمارة الإغريقية :
يمكن الرجوع إلى آثارها في جزيرة كريت، حيث بنيت قصور بوساطة قوم عُرفوا بالمينويين. حملت أعمدة خشبية صغيرة قصر مينوس الذي بني حوالي 1500 ق.م في كنوسوس بجزيرة كريت (إلى اليمين). وفي منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، برزت العمارة اليونانية الكلاسيكية بأعمدتها الحجرية المتراصة بأشكالها الجميلة كما في معبد هيفيستوس في أثينا (إلى اليسار).
العمارة الكلاسيكية الإغريقية :
تُقَلَّد وتُحاكى إلى اليوم. وأشهر إسهامات العمارة الإغريقية هي مجموعة الأساليب المسماة الطرز، الخاصة بالأعمدة والتكنة المصاحبة لها. وقد استخدم الإغريق ثلاثة طرز أساسية: الدوري والأيوني والكورنثي. ولكل واحد من هذه الطرز الثلاثة زخارفه المميزة.
كان المعبد هو النموذج الرئيسي للمباني الإغريقية الكلاسيكية ويماثل مسقطه تصميم الميغارون المسِّيني. ويعتمد تصميم المعبد الإغريقي على ترتيب الأعمدة التي تحيط بحجرة طويلة. وقد بنى الإغريق معابد كثيرة في مواقع تطل على المدينة. مثل هذا الموقع يُعَرف بالحصن أو بالأكروبولس.
وطور الإغريق صيغًا للأساليب المختلفة من المعابد. وتحدد الصيغة الموضوعة للطراز عدد الأعمدة وارتفاعها وعرضها والمسافات بينها وحتى أدق تفاصيل الزخارف. والصيغة النموذجية هي الطراز الدوري السداسي الأعمدة. وتعني كلمة دوري أن المبنى شيد على الطراز الدوري وبالزخارف الدورية القياسية الموحدة. كما تعني كلمة بريـبترال أن المبنى سيكون محاطًا بصف واحد من الأعمدة. والطراز السداسي يعني أن المدخل الأمامي أو رواق الواجهة يكون بعرض ستة أعمدة. واستخدم المعماريون قطر العمود عند القاعدة كوحدة قياس لتحديد نسب المبنى ككل. وتسمى هذه الوحدة الموديول.
وعلى الرغم من استخدام هذه الصيغ، فإن تصاميم المعبد الإغريقي تحمل قدرًا كبيرًا من المرونة والتنوع. فالمعبد يمكن أن يكون منخفضًا وطويلاً أو عاليًا وقصيرًا. وقد يكون بسيطًا أو كثير الزخارف. ويجوز أن تتراوح أعداد الأعمدة بين اثنين وأكثر من مائة عمود.
القبو المعماري سقف أو قبو يمكن أن يغطي فراغًا كبيرًا أو مبنى. وقد ابتكر الرومان القبو المعماري. وبازيليقا قسطنطين في روما، أعلاه، لها سقف مقبَّب.
العمارة الرومانية :.
حكم الرومان أعظم إمبراطورية في العصور القديمة. وفي أوج مجدها، ضمت الإمبراطورية الرومانية كل الأراضي المجاورة للبحر الأبيض المتوسط، وتوسعت شمالاً حتى الجزر البريطانية، وشرقًا حتى الخليج العربي. واستخدمت طرزًا معمارية متعددة على امتداد الإمبراطورية، وذلك لأن كثيرًا من المناطق طورت تقاليدها الخاصة بالبناء. ومع ذلك فإن للعمارة الرومانية قدرًا كبيرًا من وحدة الطراز. وقد بنى الرومان أنواعًا كثيرة من المنشآت أكثر من أي شعب من شعوب الحضارات القديمة. وبالإضافة إلى المساكن والمعابد والقصور، أقام الرومان مشاريع أخرى مثل مشاريع قنوات المياه والحمامات العامة والمتاجر والمسارح والساحات الخارجية الضخمة. وقد بُني معظم هذه المنشآت بين عام 100 قبل الميلاد والقرن الرابع الميلادي.
كان الرومان أول من استخدم طريقتين لتصميم السقف هما القوس والعقد المعماري. والعقد المعماري سطح أو سقف مقوس. والقبة كانت شكلاً شائعًا من أشكال العقد المعماري في العمارة الرومانية. وقد قلَّص استخدام العقد المعماري والقوس الحاجة إلى استخدام الأعمدة لحمل السقف. ويمكن أن يرتكز السقف كليًا على الجدران الخارجية بدلاً من الأعمدة. واستخدم الرومان الأعمدة كثيرًا كمنحوتات زخرفية ملتصقة بالجدران فقط.
وأروع مثال لتصميم سقف روماني هو حمامات كراكلا (211-217م) في مدينة وروما، ومازالت أطلالها قائمة حتى الآن. وكان لهذه الحمامات نظام سقف من العقود المعمارية وفّرت مساحات واسعة للفراغ الداخلي. وكان الفراغ عاليًا وعميقًا لدرجة أن الرومان أعجبوا به كشكل جديد وغير عادي للجمال المعماري
عمارة القرون الوسطى]ترجع عمارة القرون الوسطى إلى المنشآت التي بنيت في أوروبا خلال الفترة التاريخية التي امتدت بين القرنين الخامس والسادس عشر الميلاديين. وتشمل عمارة القرون الوسطى في آسيا وإفريقيا وأوروبا العمارة الإسلامية، بما فيها العمارة الأموية والعباسية والعمارة في الدويلات الإسلامية بعد ذلك. انظر: العمارة الإسلامية. وبالنسبة للنصرانية، فقد تمركزت الحياة الروحية والفكرية في القرون الوسطى في أوروبا حول الكنيسة؛ لذا صمم المعماريون الكنائس والأديرة والمباني الدينية الأخرى، كما صمموا القلاع والحصون والمنشآت الأخرى غير الدينية. وطور معماريو القرون الوسطى عددًا من الطرز، وحيث غلب الطراز البيزنطي في أوروبا الشرقية. أما في أوروبا الغربية فكانت الطرز الرائدة هي الكارولنجي والرومانسك والقوطي. وقد سبقت هذه الأنواع الأربعة العمارة النصرانية المبكرة التي ازدهرت في الفترة بين القرنين الرابع والسادس الميلاديين.
الكنائس النصرانية الأولى بنُيت في معظم الأحيان على نسق البازيليقا المستطيل.وقد كانت كنيسة القديس بطرس القديمة، التي تقع في نفس موقع كنيسة القديس بطرس الحالية في روما، أشهر كنائس هذا النوع قديمًا.
العمارة النصرانية المبكرة. تطور أثناء القرون الأولى للنصرانية عدد من الثقافات والطرز المعمارية الإقليمية في أوروبا والشرق الأوسط. ولكن معظم المعماريين النصارى الأوائل اقتبسوا كثيرًا من الرومان، واستخدموا العَقْد والقبو المعماري، واتخذوا تصميم القاعات الرومانية الكبيرة، التي كانت تُستخدم للاجتماعات العامة، كقاعدة لتصميم النوع الرئيسي من الكنائس، أي البازيليقا.
ويمكن اعتبار كنيسة القديس بطرس القديمة (بَدْءُ بنائها حوالي عام 330م)كأول وأهم بازيليقا نصرانية مبكرة. وهي تقع في نفس مكان كنيسة القديس بطرس الحالية في روما. ويدخل المصلون إلى كنيسة القديس بطرس القديمة من الجانب الشرقي. وللوصول إلى المدخل يمرون بفناء كبير مكشوف يطلق عليه الأتريوم أو البهو الروماني (فناء صحن الدار أو البهو)، ويمرون كذلك بالدهليز. ويفصل الفناء والدهليز المدينة الصاخبة عن الكنيسة الهادئة. ويشبه المسقط الأفقي شكل الحرف T، والجزء الرأسي للحرف هو الصحن الرئيسي. ويمتد ممران جانبيان على طول الصحن الرئيسي. ويشكل ذراعا الحرف T الجناح الرئيسي للكنيسة. وهناك فراغ نصف دائري يطلق عليه القوصرة، مفتوح من جهة مركز الجناح الرئيسي في الجانب الغربي للكنيسة. ويوجد في هذه القوصرة المغطّاة بنصف قبة مذبح الكنيسة الرئيسي. وفي معظم البازيليقات، تفصل الممرات والأروقة الفراغ الداخلي إلى صحن رئيسي وممرين جانبيين، ويستخدم في بناء معظم البازيليقات طوب عادي أو حجر؛ أما من الداخل فإنها تزدان بالفسيفساء والتصوير الجصي (الفريسكو). وتتكون الفسيفساء من قطع من الزجاج والرخام أو الحجر تُجمع معًا وتشكل صورة أو تصميمًا ما. والتصوير الجصي لوحات تنفَّذ على الجص الرطب.
متحف أيا صوفيا أحد نماذج المعمار البيزنطي في إسطنبول، تركيا. كان كنيسة حولها العثمانيون إلى مسجد في عام 1453م. وفي عهد كمال أتاتورك تم تحويله إلى متحف عام 1935. وأيا صوفيا مشهورة ببهوها الداخلي ذي الارتفاع الشاهق والمساحة الواسعة (أعلاه)، أما المثلثات التي تتدلى في أشكال مقوَّسة، (أدناه) فتكوّن دائرة تدعم القبّة.