beddah الزعيم The Boss
عدد المساهمات : 807 نقاط : 59089 تاريخ الميلاد : 08/03/1990 تاريخ التسجيل : 10/11/2009 العمر : 34 الموقع : هورين - بركة السبع - المنوفية
| موضوع: بركة العبادة في المداومة عليها بقلم:د. محمد سيد طنطاوي 12/9/2009, 1:56 pm | |
| هذا هو الإسلام بركة العبادة في المداومة عليها بقلم:د. محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهــر الشريف
| |
إذا نظرنا إلي السنة النبوية المطهرة, فسنري أن من الصفات المحببة إلي الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ مداومته علي أداء العبادات والطاعات دون انقطاع عن أي قول حسن أو عمل صالح, أو فعل يحبه الله عز وجل.
ومن الأحاديث النبوية الشريفة التي وردت في هذا المعني ما جاء في صحيح مسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها ـ حيث قالت: كان رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره, صلي من النهار اثنتي عشرة ركعة.
وفي صحيح مسلم ـ أيضا ـ عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال, قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم من نام عن حزبه من الليل ـ أي: عما اعتاد قراءته من القرآن ـ أو عن أي شيء منه, فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر, كتب له كأنما قرأه من الليل.
ففي هذين الحديثين الصحيحين دليل واضح علي أنه ـ صلي الله عليه وسلم ـ كان يحرص علي استدراك ما فاته من عبادات أو طاعات.
وكان ـ صلي الله عليه وسلم ـ لا يفرق بين وقت وآخر في مداومته علي أداء العبادات, ففي الصحيحين أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ سئلت: هل كان النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ يخص يوما من الأيام ـ بكثرة الأعمال الصالحة؟ فقالت: لا: كان عمله ديمة ـ أي: كان عمله دائما في الأيام والليالي علي نظام واحد ـ ثم قالت: وأيكم يستطيع ما كان رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ يستطيعه؟!.
ووردت أحاديثه متعددة صريحة في أنه ـ صلي الله عليه وسلم ـ كان يحب المداومة علي الأعمال حتي وإن كانت قليلة.
ففي الصحيحين عن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ سئل: أي العمل أحب إلي الله؟ فقال ـ صلي الله عليه وسلم ـ: أدومه وإن قل.
وفي الصحيحين ـ أيضا ـ عن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال ـ صلي الله عليه وسلم ـ: أحب الدين إلي الله ماداوم عليه صاحبه.
ومن كل ما تقدم من أحاديث شريفة, تبين لكل عاقل, أن الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ كان حريصا كل الحرص علي أداء ما كلفه الله بأدائه بانتظام ومسارعة.
ومما يعين المسلم علي المداومة علي أداء الطاعات والعبادات اعتداله في أدائها, والتوسط عند القيام بها, واتباع الهدي النبوي في تنفيذها, لأن شريعة الاسلام تقوم علي اليسر لا علي العسر, وعلي السماحة لا علي التشدد, وعلي رفع الحرج وليس علي التطرف.
ومن الآيات القرآنية التي أكدت هذه الحقائق قوله ـ تعالي ـ: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر سورة البقرة: الآية185.
وقوله سبحانه: يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا النساء:28.
ومن الأحاديث النبوية الشريفة التي قررت أن شريعة الاسلام, تقوم علي اليسر لا علي العسر, ما جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال: إن الدين يسر, ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه, فسددوا ـ أي فتوسطوا ـ وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة.
أي ان هذا الدين الاسلامي قد قامت تشريعاته علي اليسر لا علي العسر, ولن يتحدي أحد تكاليف هذا الدين الإسلامي إلا غلبه هذا الدين لكثرة وجوه الخير في هذا الدين الذي ارتضاه الله لعباده دينا, حيث قال ـ عز وجل ـ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي, ورضيت لكم الاسلام دينا سورة المائدة: الآية3.
ومادام الأمر كذلك, فاستعينوا علي أداء العبادات والطاعات في وقت نشاطكم, واستعداد نفوسكم لها, والزموا التوسط والاعتدال, وإن لم تقدروا علي العمل بما هو أكمل, فاعملوا علي قدر استطاعتكم ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها وأبشروا بالثواب من ربكم, واستعينوا علي أداء الطاعات بالغدوة بأن تقوموا بها في أول النهار والروحة وهي آخر النهار, وشئ من الدلجة أي: وشيء من آخر الليل فلعل هذه الأوقات تكون الأوفق لنشاطكم, وفي صحيح البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ إذا أمر أصحابه أمرهم من الأعمال بما يطيقون فقالوا إنا لسنا كهيئتك يارسول الله, لأن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر, فكان يغضب حتي يعرف الغضب في وجهه ثم يقول: إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا.
ولقد وردت أحاديث متعددة, نهي فيها النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ عن التشدد الذي يؤدي إلي عدم المداومة علي العمل الصالح.
ومن هذه الأحاديث ما جاء في الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ دخل عليها وعندها امرأة فقال: من هذه؟ فقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ يارسول الله هذه فلانه وأخذت تذاكر له كثرة صلاتها وصيامها!!
فقال ـ صلي الله عليه وسلم ـ مه ـ أي قال لها كلمة زجر ونهي ـ عليكم من الأعمال بما تطيقون, فوالله لا يمل الله حتي تملوا.
أي: الزموا العمل الذي تطيقون وداوموا عليه, فواالله لا يقطع الله ثواب أعمالكم, إلا حين تتركوا المداومة عليها بسبب مغالاتكم وتشددكم.
وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال:هلك المتنطعون والمقصود بالمتنطعين أولئك المتعمقون المتشددون في غير موضع التشدد.
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: دخل النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ المسجد, فإذا حبل ممدود بين الساريتين ـ أي بين العمودين ـ فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا هذا حبل لزينب ـ قيل لزينب بنت جحش ـ فإذا فترت ـ أي: تعبت ـ تعلقت به فقال: حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد.
هذا, ومن كل ما تقدم نري أن بركة العبادات والطاعات تكون في المداومة عليها, وفي أدائها باعتدال وتوسط, وابتعاد عن التشدد والمغالاة والتنطع لأن شريعة الاسلام قد أقامها الله ـ عز وجل ـ علي اليسر لا العسر, وعلي التوسط لا علي التشدد, وعلي التكاليف التي هي في حدود القدرة والاستطاعة, وصدق الله إذ يقول: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
نسأل الله ـ تعالي ـ أن يهدينا إلي صراطه المستقيم والحمد لله رب العالمين. |
| |
|